جفاف وزلازل وانهيارات أرضية محتملة.. آثار مدمرة لـ"سد النهضة" تحاصر السودان
المصدر اليوم السابع 

تعد دولة السودان من أكثر الدول تضررا جراء تشغيل سد النهضة الإثيوبى وفق الرؤية التى تتمسك بها أديس أبابا، لأن أى تغير فى جريان وانتظام الأنهار، يؤدى إلى تغير قاعدة النهر السفلية، وهذا بدوره يؤدى إلى زيادة فى معدلات النحر أو الحفر أو التآكل، هذه الزيادة فى معدلات النحر تظل فى حالة حراك، حتى يستعيد النهر توازنه. 

وحذر خبراء من أنه عادة ما تحدث هذه العمليات المعقدة بصورة طبيعية بعد أي ارتفاع أو هبوط في  القشرة الأرضية أو الانزلاقات الأرضية والطينية، وقد تحدث أيضا بفعل الإنسان مثل بناء السدود، موضحا أن خطورة عمليات النحر تكمن فى أنها من التعقيد بمكان بحيث لا يمكن حسابها والتحسب لها، كما أنها تؤدي إلى تغير ملحوظ في مجرى النهر وتسارع  في تآكل الشواطئ "الهدام" وقنوات الصرف، كما تهدد سلامة المنشآت المائية الدائمة  مثل السدود والموانئ والكباري والقناطر، إذا زاد معدل النحر وتعمق مجري النيل تحت أساسات تلك المنشآت.

وفى دراسة أعدها المركز المصرى للدراسات، قال خبراء فنيين إن هذه العمليات المعقدة من النحر ستؤدي إلي تغير مجري النيل وتسارع في تآكل  الشواطئ "الهدام" وقنوات الصرف في المشاريع الزراعية القائمة مثل مشروع  ً " الجزيرة وتهديد لسلامة سدي "الروصيرص" و"سنار خصوصا إذا تعمق النحر تحت أساستها. 

وعلى الرغم من نفي وزير الري السوداني وجود أي زلازل في منطقة سد النهضة، وأن منطقة الأخدود الأفريقي المشهورة بالزلازل تبعد كثيرا عن منطقة السد، ولكن هذا يتنافى مع نص تقرير مكتب الاستصلاح الأمريكي "الملحق الثاني" الصادر عام 1964 بعنوان "الأرض ومصادر مياه النيل الأزرق في إثيوبيا" حيث أكد إن منطقة حوض النيل الأزرق منطقة زلازل، وهذه الحقيقة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم الأعمال الهندسية.

ويقع سد النهضة في منطقة حوض النيل الأزرق، لذلك فإنه يقع في منطقة نشطةً زلزالي قولا واحدا،  كما أن الناظر إلى خريطة توزيع الزلازل في حوض النيل، ويلاحظ حدوث زلازل متوسطة إلى كبيرة، بقوة تساوي أو أكبر من 4.0 درجات على مقياس ريختر في منطقة حوض النيل الأزرق، والتى عادة يتم رصدها من قبل المحطات الإقليمية والدولية لرصد الزلازل، وذلك لخلو منطقة حوض النيل الأزرق من محطات رصد وتسجيل الزلازل.

ويروج البعض، لنظرية عدم وجود زلازل في منطقة حوض النيل الأزرق ولكنها تختفي في  منطقة السد هذا قول صحيح، ولكن اختفاء الزلازل من منطقة السد ناتج من عدم وجود محطات راصدة للزلازل وخلو المنطقة من السكان، وليس لعدم حدوث زلازل. 


يذكر أن الزلزال الذي ضرب منطقة الدمازين والروصيرص عند الساعة الحادية عشرة مساء يوم الخميس الموافق (2017\11\16  بقوة 4.3 درجة على مقياس ريختر، يؤكد حقيقة وجود نشاط زلزالي في منطقة حوض النيل الأزرق، وبالتالي من المؤكد أن يزيد هذا النشاط بعد ملء بحيرة سد النهضة، وربما يشكل ذلك خطرا على المدن السودانية القريبة من الحدود خاصة مع الكثفة السكانية في مناطق النيل الأزرق حتى سنار وجنوب الجزيرة، يضاف إلى ذلك تعرض سدي الروصيرص وسنار لمخاطر وأضرار بالغة لكونها قديمة، ولا يمكن أن تساعد تصاميمها على تحمل الزلازل الكبيرة.

فيما أشار المركز المصرى إلى عمليات الانزلاق الأرضي هي عمليات السقوط أو الانهيار المفاجئ لكتل كبيرة من الصخور والتربة، وتحدث تلك العمليات في المناطق المرتفعة مثل الجبال والتلال والهضاب، موضحا أن هذه العمليات تعتبر من الخطورة بمكان لأنها قد تحدث فجأة، حيث تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة في كثير من الأحيان.

وقد تعرضت منطقة قريبة من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لانهيار أرضي مما أودى بحياة  65 شخصا بالإضافة لعدد من المفقودين والمصابين. كما ذكرت دراسة أن حوض النيل الأزرق في إثيوبيا يعتبر من أكثر مناطق إثيوبيا عرضة للانزلاقات أو الانهيارات الأرضية، وذلك لتوافر كافة العوامل الجيولوجية للانزلاقات والانهيارات الأرضية مثل الأمطار الغزيرة، والصدوع والفوالق الأرضية، وعلى الرغم من أن الانزلاقات أو الانهيارات الأرضية قد لا تؤدي إلى انهيار كلي لجسم السد، ولكنها قد تسبب أضرار بالغة به مثل تلف البوابات، أو الخطوط الناقلة للكهرباء، أو المحولات الكهربائية.

 كما أن الأضرار سالفة الذكر ربما تؤثر على معدل انسياب مياه النيل الأزرق نحو  السودان، الأمر الذي قد يتسبب في غرق أو عطش المشاريع الزراعية بالسودان، لا سيما التي تعتمد على الري من مياه النيل، وقد تؤدي لخسائر بشرية كبيرة في المنطقة كما حدث لسد فايونت في ايطاليا.

أما القول بأن جسم السد يحتوي على أجهزة رصد عالية الدقة لأي حركة، فهو قول خطير لأنه لا يمكن التنبؤ بوقت ومكان حدوث الزلزال أو الانزلاق الأرضي، كما أن تلك الاجهزة ترصد الحركة ولا تمنعها، وتشتهر جيولوجيا منطقة الهضبة الإثيوبية المقام عليها سد النهضة بوجود فوالق أرضية خطيرة. 

وسيصيب سد النهضة السودان بكثير من الضرر، إذا ما تغيرت السياسة واختلفتً المصالح السودانية الإثيوبية،ً  فإثيوبيا يمكن أن تمارس ضغطا هائلا على السودان، وذلك لأن سد النهضة سوف يجعل لإثيوبيا اليد العليا التي تتحكم في مواقيت وكميات المياه المنسابة في النيل الأزرق، مما يضع السودان تحت رحمة إثيوبيا.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم